امتدت المائده فى لحظات امام الاطفال الثلاثه واقترب الرجل العظيم بهيبته ووقاره منهم وامتدت يديه بالطعام الى جنى وقد ظن ان الالم فى يدها المكسور يمنعها من الدنو فاشاحت الطفله بوجهها قائله مليش نفس يا عمو وانحدرت اولى دموعها الى وجهها وانكسرت الصخره الصامده وانسابت دموعها فى صمت غزيره كشلال لا تقوى على ايقافه وجرت سجى اليها تحتضنها وتبكى معها وقد اسودت صفحه الغد فى وجههما ووجد ادم نفسه يلتحق بالطفلتين يتعلق باثوابهم الممزقه
.يبكى معهم ولا يدرى ماذا يفعل وصاح العم المتبقى وهو يغالب سكرات الموت باكيا لكم الله ابناء اخى.ليتنى املك من امرى لكم شيئا فليتولى الله امركم هو نعم المولى ونعم النصير.واشار اليهم بالاقتراب منه فلما اقتربوا اشار اليهم دمائنا فى اعناقكم اعلم انكم صغار لكن لاتنسوا ان دمائنا امانه اودعناها فيكم.وكانت تلك اخر كلاماته واستقرت روحه الى بارئهاوهرع العظيم الى الاطفال وهرع مسعف مصاب الى الرجل ليغطى وجههوتنحدر دمعه هو ايضا
ويسال العظيم المسعف عن وضع الاطفال ويسمع نهايه عائلتهم الماساويه ولم يعد يتبقى لهم فى ارض فلسطين الا بيوتا خاويه وينظر العظيم اليهم بحنان ويقترب ليحتضنهم فى شفقهوتنساب هو ايضا بعضا من دموعه يحاول اخفائها بسرعه
ويجلسهم الى جواره ويحاول ان يتكلم وينظر الى جنى الصغيره مخاطبا ايها ان الله لن يضيعكم ابدا وسترين ان حكمته فى الحياه موجوده وان كانت مصيبتكم مؤلمه فستمضى الحياه وستصبح زكرى بعيده .ساحاول ان اجد لكما مخرجا وليعيننى الله
وفى المساء اجتمع العظيم بزوجته وجدته يحكى قصه الاطفال الثلاثه ويسال الجده ما الحل وكانها ادركت مغزاه فنظرت اليه وقالت وكأنك تريدنى بحديثك لجذورى الفلسطينيهانى جد سعيده بما تفعل واشكر لك نبل خلقك سمو نفسك واتمنى ان يعينك الله فى امرك وان يجعل اهتمامك بالاطفال معبرا لك الى الجنه.فهؤلاء الاطفال ينبغى ان يلتحقوا بوطن اخر يكون ارحم وادفء اليهم من بلادهم وليتك تستطيع ان تقف الى جوارهم
ونظر الرجل لزوجته وامها فما وجد غير املا يلح فى عيونهما وصاحت الزوجه وليه لاء
فاجابهاواين يكون موطن اقامتهما ان لدين ولدين صعب ان اتخذهم طرفى
فاردفت العجوز انا اتدبر لك امر ايقامتهما وانت تدبر اوراقهم
واسقط فى يد عبد الرحمن واقتنع بقراره نفسه باهميه ذلك للاطفال
وشرع فى اتخاذ الازم بنفوذه ومعارفه وان يرد الانسان خيرا يعينه الله ويكلل مسعاه.بينما كانت العجوز تتصل باختها وتسالها بحق الوفاء لبلادها ان يتخذ ابنها العاقر من الاولاد الثلاثه ابناء له
وقد كللت المساعى بالخيرولم تمضى ايام قلائل الا وانتقل الاطفال الى فيلا رائعه الجمال فى مصر الجديده بميدان روكسى.دلفت الاقدام اليها فى حذر من اتساخ سجادها حملت سجى اخيها ونزعت البنتان احذيتهما الباليه
الا ان صاحبه الدار تداركت وجودهما فاسرعت اليهم بشوق غير مكتوم واحتضنتهم باحساس الام الوئوم فاشاعت الاطمئنان اليهم.وهرت الشغاله الى الطعام تعدة باشاره من سيدتها وامتدت المائده وتوقفت الايادى الصغيره حتى ادم كان ينتظر وكانه بدا يدرك امرا جديدا فى حياتهونظرت مدام سوسن للاطفال وقالت اعلم صغر سنكموعزة نفسكم لكنكم الان فى بيتكم واتمنى ان تعتبرونى اما لكم.فاجهشت البنتان بالبكاء ولم تتمالك سوسن نفسها فدنت تربت عليهما فى حنو رقيق
اعتبرونى اختا كبيره لكم .واستمر البكاء فلقد تذكرت الفتاتان سما وقد تعلقت بامها فى وداعها الاخير
واشتد النحيف واغرقت عين سوسن بالدموع لتبكى معهم فى لقائها الاول
ليدخل زوجها وقد علم بوجود الاطفال فيجد منحبه مقامه بالفيلا
فيسرع اليهم ويضم الاولاد لصدره ويصبح بصوت حازم حانى كفايه
انتهى الحزن
فهل انتهى الحزن حقا
يتبع