غـِـيْرة ُ الملائكة ِ ....... من خليل ِ الرحمن
قيل : لما اتخذ الله – تعالى – إبراهيم خليلا ً دخلت الغيرة ُ في جبرائيل وميكائيل ، وقالا :
إلهنا وسيدنا أتأذن ُ لنا أن نزور خليلك ونختبره هل فيه من علامة الأحباب شيء . فــأذِنَ
لهما ، فنزلا فإذا هو – إبراهيم – واقف على الأغنام ِ ، وكان له اربعة ُ آلاف راع ٍ ومع
كل راع ٍ كلبٌ في عنقه طوقٌ من ذهب . فوقفا بجواره وقالا بصوت ٍ شجيٍّ : سبحانه من
قديم ٍ ما أعظمه ، وسبحانه من عظيم ٍ ما أكرمه ، وسبحانه من كريم ٍ ما أحلمه ، وسبحانه
من حليم ٍ ما أرحمه ، سـُبُّوحٌ قـُدُّوسٌ ربُّ الملائكة ِ والروح . فاهتزت أركانُ إبراهيم –
عليه السلام - وناداهما : ممن أنتما ؟ فقالا : عبادُ الله ، قال : نشدتكما بالله إلا قلتما مرة ً
أخرى . قالا : ما نقول إلا بشيء ٍ - يعني بأجر ٍ - قال : قد وهبت لكما جميع ما أملكُ
من الأغنام والمواشي ، فقلا مرة أخرى أحسن من الأولى . فقال لهما : أعيدا ذلك الصوت
، فقالا : ما نقول إلا بشيء ٍ ، قال: قد وهبتكما ما في داري من متاع ٍ وغيره .
فأعادا الصوتَ ثم سكتا ، فقال لهما : قولا مرة ٍ أخرى ، قالا : ما نقول إلا بشيء ٍ ، قال :
قد وهبتُ لكما أولادي ، فقالا ثم سكتا ، فقال لهما : قولا مرة ً أخرى حتى أهبَ لكما نفسي
وأكون لكما راعيا ً . فالتفت جبرائيل إلى ميكائيل وقال : يحق له أن يكون خليل الله . ثم قالا
له : بارك الله لك في مالك وأولادك ، فأنا جبرائيل ، وهذا ميكائيل ، وتركاه وانصرفا
ملائكة ُ الرحمن ....... في بيت خليل الرحمن
كان من سيرة خليل الرحمن إبراهيم – عليه السلام - أنه لا يأكلُ طعاما ً إلا مع ضيف ٍ ، وذلك
لشدة كرمـِه ِ ، فبقيَ ثلاثة أيام ٍ لم يأته ِ ضيفٌ ، وفي اليوم الرابع بينما هو يقرأ في الصـُّحـُف ِ –
صحُف إبراهيم – إذ دخل عليه أربعة ُ نفر ٍ فقالوا : السلام عليك ، قال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
ورحـَّب بهم وأمرهم بالجلوس ، فقالوا : نحن ضيوف . فقام إلى سارة وقال لها :
قد أتانا ضيوفٌ صـِـباحُ الوجوه - حـِسان الوجوه - نـِضاف ُ الثياب ، فقومي اخدميهم ، فقالت :
كان عهدي بك أغيرَ الناس ، قال : هو كما تقولين ، إلا أن هؤلاء النفر أبرارٌ قد سلـَّموا عليَّ سلام
الأبرار الأخيار . ثم قام إبراهيم إلى عجل ٍ سمين فذبحه وشواه لهم ، فلما نضج وضعه بين أيديهم
على الخـِـوان - ما يؤكلُ عليه – مع خبز ٍ كثير ، وسارة ُ على رأسهم تنظرُ إليهم ، وإبراهيم يأكل
ولا ينظرُ إليهم ، فقالت سارة ُ : يا إبراهيم إن أضيافك هؤلاء ِ ما يأكلون . فقال لهم : لـِمَ لا تأكلون ؟
وداخله ُ الخوفُ من ذلكَ ، وذلك قول الله تعالى : ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ً ) .
ثم قال لهم : لو علمتُ أنكم لاتأكلون لما كنـتُ قطعتُ هذا العجلَ عن أمه ، فمــــــدَّ
جبرائيل - عليه السلام - يده إلى العجل وقال له : قـُمْ بإذن الله تعالى . فقام العجلُ وطلب أمه ، وجعل يرضعها ،
فاقشعرَّ إبراهيمُ منهم وقال : ( إنا منكم وجلون قالوا لا تخفْ وبشروه بغلام ٍ عليم )
فطاب قلبه ، وبشروه بإسحاق عليه السلام .