hodhod المديرة
المشـاركات : 6811 العمر : 30 مـزاجى : بـلدى : مـهنتى : هـوايتـي : الأوسمـة : تاريخ التسجيل : 01/05/2008 دعـاء : الساعة :
| موضوع: أستفت قلبك الجمعة أكتوبر 05, 2012 6:58 pm | |
| صيد الخاطر لأبن قيم الجوزيه
أستفت قلبك أمكنني تحصيل شيء من الدنيا بنوع من أنواع الرخص ، فكنت كلما حصل شيء منه ،
فأتني من قلبي شيء ، و كلما استنارت لي طريق التحصيل ، تجدد في قلبي ظلمة . فقلت يا نفس السوء ـ الإثم جواز القلوب ـ و قد قال استفت قلبك فلا خير في الدنيا كلها إذا كان في القلب من تحصيلها شيء أوجب نوع كدر . و إن الجنة لو حصلت بسبب يقدح في الدين أو في المعاملة ما لذت ، و النوم على المزابل مع سلامة القلب من الكدر ألذ من تكآت الملوك .
و ما زلت أغلب نفسي تارة و تغلبني أخرى ،
ثم تدعي الحاجة إلى تحصيل ما لا بد لها منه . و تقول : فما أتعدى في الكسب المباح في الظاهر. فقلت لها : أو ليس الورع يمنع من هذا ؟ قالت : بلى . قلت : أليست القسوة في القلب تحصل به ؟ قالت : بلى . قلت : فلا خير لك في شيء هذا ثمرته . فخلوت يوماً بنفسي فقلت لها : ويحك اسمعي أحدثك : إن جمعت شيئاً من الدنيا من وجه فيه شبهة أفأنت على يقين من إنفاقه ؟ قالت : لا . قلت : فالمحنة أن يحظي به الغير و لا تنالين إلا الكدر العاجل ، و الوزر الذي لا يؤمن . و يحك ، أتركي هذا الذي يمنع منه الورع لأجل الله فعامليه بتركه . كأنك لا تدرين ألا تتركي إلا ما هو محرم فقط أو مالا يصح وجهه. أو ما سمعت أن من ترك شيئاً الله عوضه الله خيراً منه ؟ أما لك عبرة في أقوام جمعوا فحازه سواهم ، و أملوا فما بلغوا مناهم ؟ كم من عالم جمع كتباً كثيرة ما انتفع بها . و كم من منتفع ما عنده عشرة أجزاء . و كم من طيب العيش لا يملك دينارين . و كم من ذي قناطير منغص . أما لك فطنة تتلمح أحوال من يترخص من وجه فيسلب منه من أوجه ؟ ربما نزل المرض بصاحب الدار أو ببعض من فيها فأنفق في سنته أضعاف ما ترخص في كسبه ،
و المتقي معافى . فضجت النفس من لومي و قالت : إذا لم أتعد واجب الشرع فما الذي تريد مني ؟ فقلت لها : أضن بك عن الغبن و أنت أعرف بباطن أمرك . قالت : فقل لي ما أصنع ؟ قلت : عليك بالمراقبة لمن يراك ،
و مثلي نفسك بحضرة معظم من الخلق فإنك بين يدي الملك الأعظم يرى من باطنك
ما لا يراه المعظمون من ظاهرك . فخذي بالأحوط ، و احذري من الترخص في بيع اليقين ، و التقوى بعاجل الهوى . فإن ضاق الطبع مما تلقين فقولي له : مهلاً ، فما انقضت مدة الإشارة ،
و الله مرشدك إلى التحقيق ، و معينك بالتوفيق [size=12] . [/size] | |
|