تعتبر الاسطورة فى نظر البعض خرافة و لا شك ان الاسطورة تعتمد فى الاساس على غير المعقول و الذى لا يمكن حدوثه و مع ذلك فى هذا الا معقول يكمن الجمال الحقيقى للاسطورة فهى تمكنا من رؤية الحقائق بعيون متغيرة تحتمل عدم الثبات وكل ما هو قابل للشك فينبهر و يتزعزع العقل فيتحرر المعقول والباقى دائما من القيم الانسانية و يرجع الاحساس الى قماقم ارواحنا فنرى الاشياء بعيون جديدة تجعلنا ندرك اهمية عدم الفصل بين فروع العلم المختلفة ، فهل من المعقول ان نصدق ان من ركب الفضاء لم يعرف شيئا عن اساطير الشمس و القمر؟!
تحكى الاسطورة ان فى زمن بعيد جدا و فى منطقة تسمى (اون) او عين شمس خرجت الشمس من بيضة الوجود واطلق المصرى عليها اسم (رع) .
وكان (رع) يسمى عند الشروق (خبرى) وعند الغروب (اتون) فى اللحظة التى ضحك فيها (رع) خرج من قهقهته الهواء (شو) و عند بكى كانت دموعه مطر يسمى (تفنوت).
وتسترسل الاسطورة لتقول: ان (رع) وهب الحياة لكل من السماء التى اخذت صورة امراة تدعى (نوت) و الارض التى كانت فى صورة رجل يسمى (جب) ، واحبت السماء الارض حبا كبيرا ، ولكن فى لحظة غضب قرر (رع) ان يفرق بينهما و طلب من الهواء(شو) ان يفعل هذا بعدما خرج الانسان الى الحياة و تكلم معه الوجود.
ومع ذلك يحزن (رع) على فراق السماء، ولهذا يقرر ان يبقى عندها فى احضان (نوت) و يزور الارض (جب) فقط مع طلعة كل نهار ، ليمكث فى الارض حتى ياء الغروب و يحين الوقت ليعود مرة اخرى الى حضن السماء ومند المغيب ياخذ (رع) مركبا يسبح فيه فى رحلة طويلة فى نهر السماء ، رحلة تستغرق الليل كله .
و رحلة الليل ليست رحلة سهلة فمركب (رع ) يسبح فى سواد الليل ولا بد له ان ينتصر على هذا الظلام كى يشرق فى الصباح من جديد.
ولهذا فمركب (رع) ليس مركبا عاديا ، بل هو قارب يسمى ( ملاين السنيين)، يحيط بيه ثعبان يحرسه و يحميه ويجدف له اربعة رجال يسمون بفاتحى الطريق يمثلون (العقل و الصدق و الحيوية و قوة الاراضة )، وك ساعة من ساعات الليل الاثنتى عشر كانها بلد ،لكى يدخله (رع) لابد ان يمر على بوابة لا تفتح الا بكلمة سر .
وفى اولى ساعات الرحلة نرى (رع) يقوى من عزمه ويقول : بالعزيمة والارادة سافتح كل الابواب واتغلب على بوابات الظلام .ولكنه مع الساعة الثانبة يبدا فى الشعور بالم الفراق و ياخذه الحنين الى (حقول السلام) و سنابل القمح الذهبية التى تركها على الارض .
وتمر بضع ساعات يشعر (رع)بعدها برجة عنيفة واهتزاز فى قاربه ، يكاد يفقد المركب توازنه و يدرك خطر الظلام الذى سينتصر ومدى تآمر قوى الليل عليه بمخلوقاته الشريرة ، و على راسها (ابوبى) الذى يتحدى بكراهيته الشمس ، و يحاول ان يشرب ماء النيل السماوى ، حتى يتحطم قارب (رع) ويهلك ،وتموت الشمس و يبقى الظلام.
و من هنا يبدا الصراع الذى يستمر ساعات بين (رع) و اعداء الشمس ولكن سرعان ما تاتى الى نجدته حبيبة الشمس (باستيت) لتقاوم معه الثعبان (ابوبى) اللئيم ،وتنجح فى ان تقطع رقبته و يساند (باستيت) فى معركتها كل اصدقاء و احباء الشمس ، فليس هناك شك ان كل من يحب الشمس يريد لقارب (رع) النجاة ، حتى تستمر الرحلة و تجتاز الشمس جميع البوابات بسلام .
وتمر ساعات الليل و يوشك النهار على الطلوع فتظهر الطيور و هى تغنى على الاشجار و يمسك محبوا الشمس بسعفات النخيل وكانهم يعلنون عن سلامة قارب (رع) و اقتراب نهاية صراعه مع الليل.
ومع خيوط الفجر نرى الجعران (خبرى)يحمل بيضته ليشير الى ان الشمس توشك على الشروق ، وان قارب (رع) قد وصل بسلام الى نهاية الرحلة............وفى تلك اللحظة نرى السماء (نوت تقذف) بالشمس من فمها لياتى الصباح و يزور الارض من جديد