كان طارق يمشى فى الاسماعيليه على غير هدى لا يدرى اين تقوده قدماه لقد فقد بالامس القريب والديه ولم يعد يرتكن فى الحياه الى كائن يعينه على تجاوز اموره الماديه فقد انسحب الجميع من حوله بعد ان فقد اباه كل ما يملك فى واقعه اتهمه فيها البعض بالنصب عليهم وهو الشيخ الجليل الذى حفظ القران ورتله وساهم فى كثير من اعمال البر والتقوى..واعتاد فى السنوات الاخيرة من عمره ان يجمع جوازات السفر من راغبى العمرة او الحج ويتواصل مع شركه سياحه لسفر المعتمرين والحجاج وبفضل الثقه فى الحاج متولى تهافت عليه القريب والبعيد من اهل الحى والاحياء المجاورة فنال شهرة واسعه لصدقه وامانته فى التعامل مع الجميع..وكانت سيايته مع مكتب السفريات عموله قليله فى سبيل ان يلنزم المكتب بما يقطعه على نفسه من وعود واستمر الحال على هذا المنوال الى ان حدثت النكسه الكبرى واذا بمكتب السفريات يبلغ الحاج متولى ان الوكيل السعودى خدعه ونصب عليه فيما تعاهدوا عليه وان اموال المكتب وبما فيها ما قدمه متولى ذهبت سدى وانهم لابملكون ان بردوا اليه اموال الحجيج..واسودت الدنيا فى وجه متولى وانهارت قواه وبكى كالنساء ..كانت الصدمه فوق قدرته وطاقته فلم يعتاد نا بخوض غمار تجارة او ان بضارب فى البورصه ومع فعل هذا الا رغبه فى الحد من جشع تجار الدين والمتاجرون فى اسعار السفر لمن يشتاق لزيارة الحبيب عليه الصلاة والسلام وزيارة بيت الله الحرام
ونادى متولى ابنه وهوعلى فراش الموت: بنى لااملك لك اليوم شىء فقد بعت البيت بما فيه ولم تكفى امواله لسداد الديون
ديونى امانه فى رقبتك بوم الدين
لا تخف ياابى ونم فرير العين
يابنى انك غض اغر فلا تأخذ الدنيا غلابا..واستعن بالله فى قضاء امورك
ولم يلبث الاب سويعات حتى فاضت روحه واجتمع بعض اهل الخير وتكفلوا بمصاريف الجنازة وكفن المتوفى ليدفن صاحب البر والتقوى فى مدافن اهل الصدقه..ويخرج الفتى بعض ايام قليله من المنزل الذى نشأ فيه هائم على وجهه لا يحمل من حطام الدنيا الا حقيبه احتوت ثيابه وبعض جنيهات قليله
كان يخاطب نفسه : اين اذهب؟ اين المفر؟ كيف اسدد باقى دين ابى" ما ذنبى وما اقترفت
الشباب اليوم لا يقوى على حمل المسئوليه لنفسه فكيف ابدا من تحت الصفر؟
والح عليه حديث هذا الرجل الاثم الذى قتل تسعه وتسعون نفسا وسأل عن راهب فقال له هل لى من توبه وقد قتلت 99 نفسا فقال لا..فقتله واكمل به المائه وسار يسأل عن اعلم اهل الارض فلم اجتمع اليه نصحه العالم بترك ارض السوء
وكان يحادث نفسه وهو بسير لما لا اخرج الى ارض اخرى ابتغى فيها الرزق لعل الله يفتح لى ما استعصىت المفاتيح ان تفتحه هنا
واندفع الى محطه القطارووقف لقطع تذكرة..اين يذهب
قال المسافر الذى امامه لمحصل التذاكر: تذكرة السويس
وناوله التذكره وارتحل ليتقدم طارق الى المحصل
ايوة يا سيدى خلصنا مسافر فين..هات القلوس
السويس قالها دون ان يدرى لمن يذهب
ووقف ينتظر القطار وكأنما احس مسافر بما يعترى طارق من فكر
الاخ اول مرة ينزل بلد الغريب
وبأقتضاب اجاب طارق:اه
دى بلد الغريب حتلاقى اغراب كتير فيها خصوصا من الصعيد والمنوفيه والشرقيه..رايح شغل ولا زيارة
بدور على شغل
بس نصيحه فى شارع الجبش وميدان الاسعاف حتلاقى صعايدة كتيرقاعدي بيستنوا المقاولين يخدوهم وكله ييرزق
انا مليش فى اعمال المعمار
خلاص عليك بالسخنه هناك فى شركات ومقولين تقدر تشتغل فى الحراسه اوالنظافه
انا معايا بكالوريوس علوم
اوعى تقول لحد كده الا لما تتودكفى شغلانه..محدش بيحب يشغل المؤهلات بيقولوا دول متكبرين والواحد منهم عايز يشتغل بيه
ماشى
يالا جهز نفسك قطار السويس وصل
اطلع بسرعه نلحق كرسى المسافه طوبله تلت ساعات مش هنقدر نقفها
يالا ناولنى الشنطه
ياه اخير حظك حلو لقينا كرسى
ومد طارق يده محاولا ان يتصنع ايتسامه خلف وجهه العابس: انا طارق
ورد الكراكب الاخر:محمد الامين
ونظر طارق حوله: ايه ده كله معقول